JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
عاجل

الإعلام الحكومي... رافعة الثقة وتعزيز الصورة الإيجابية وسط تحديات مهنية مزمنة

الميزان / بقلم / حيدر السعد 
في عالمٍ تتسارع فيه وسائل الاتصال، ويزداد فيه تأثير الإعلام في تشكيل الرأي العام، يبرز الإعلام الحكومي كأداة استراتيجية محورية، لا تقتصر وظيفته على نقل الأخبار والقرارات فحسب، بل تتجاوز ذلك إلى بناء جسور الثقة بين المؤسسة والمواطن، وترسيخ صورة إيجابية وواقعية عن أداء مؤسسات الدولة، بأسلوب مهني ومتزن.

يلعب الإعلام الحكومي دورًا حاسمًا في عكس الصورة الإيجابية للمؤسسة الرسمية، من خلال تسليط الضوء على الإنجازات، وتفسير السياسات العامة، ومواجهة الشائعات التي قد تسيء إلى سمعة المؤسسة أو تثير البلبلة بين المواطنين، فالإعلام الحكومي الناجح لا يُمارس الترويج الأعمى، بل يسهم في رسم صورة شفافة ومسؤولة تعكس حقيقة ما يجري داخل أروقة المؤسسات.

والمؤسسة التي تهتم ببناء جهاز إعلامي مهني تمتلك قدرة أكبر على إيصال رسائلها بشكل فعّال، وتحقيق التفاف مجتمعي حول رؤيتها، خصوصًا في القضايا ذات المساس المباشر بالشأن العام ، وهنا تبرز الحاجة الملحّة إلى إعلاميين مختصين، قادرين على تحويل العمل الإداري الجاف إلى مادة إعلامية مفهومة وقابلة للتفاعل مع الجمهور.

ويُعد الإعلام الحكومي الوسيط المسؤول عن نقل صوت المؤسسة إلى الجمهور، والعكس كذلك ، فعندما يشعر المواطن بوجود منصة إعلامية رسمية قادرة على إيصال المعلومة بوضوح، دون تأخير أو غموض، تتولد لديه مشاعر الثقة، ويزول كثير من اللبس الذي يؤدي غالبًا إلى سوء الفهم أو التوجس من القرارات الحكومية.

وفي ظل التنافس المحموم بين وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي على استقطاب الرأي العام، يصبح الإعلام الحكومي مطالبًا بأن يكون أكثر مهنية وسرعة وشفافية، ليبقى مصدرًا موثوقًا وسط زخم المعلومات وتضاربها، فإن بناء الثقة لا يتحقق بالشعارات، بل من خلال المصداقية المتكررة على مدى زمني طويل، وهذا ما يجعل الإعلام الحكومي عنصرًا أساسيًا في ترسيخ العلاقة بين المؤسسة والمجتمع.

ورغم أهمية هذا الدور الحيوي، إلا أن الواقع المهني يكشف عن تحديات كبيرة تعيق تطور الإعلام الحكومي واستقلاليته، من أبرزها ،ضعف التمويل وقلة الموارد الفنية، ما يحدّ من قدرة وحدات الإعلام على إنتاج محتوى جذاب أو مواكبة التطور التكنولوجي ، غياب التدريب والتأهيل المستمر، مما يضع الكوادر الإعلامية في مواجهة تطورات لا يمكن التعامل معها بالأدوات التقليدية ، عدم الاعتراف المهني بالعاملين في هذا القطاع، إذ يُعامل خريجو الإعلام في المؤسسات الحكومية كموظفين إداريين، دون أي امتيازات مهنية أو محفزات فضلا عن ضعف التنسيق بين الإعلام المؤسسي والجهات المرجعية العليا، ما يؤدي أحيانًا إلى تضارب في الخطاب الإعلامي أو تكرار غير فعّال للرسائل.


ولا يمكن للإعلام الحكومي أن يؤدي دوره بفعالية دون دعم صريح من المؤسسة التي ينتمي إليها، ومن الجهات العليا في الدولة ، وهذا الدعم لا يعني التوجيه فقط، بل يشمل توفير الإمكانيات، ومنح الصلاحيات، وتهيئة بيئة عمل تليق بمهنية العاملين فيه.

إن استمرار الإعلام الحكومي دون دعم حقيقي جعله، في أغلب المؤسسات، عرضة للتهميش والانفصال عن الجمهور ونتيجة لذلك، أصبحت صورة المؤسسة ضعيفة، في ظل تنامي تأثير الإعلام غير الرسمي. لذا، من الضروري إعادة النظر في هيكلية الإعلام الحكومي، واعتماد آليات تضمن استقلاليته النسبية، وتُفعل دوره بوصفه حلقة وصل لا غنى عنها.

ومن أبرز المفارقات التي تثير الاستغراب في واقع الإعلام الحكومي أن العاملين فيه من خريجي كليات الإعلام لا يحظون بالمخصصات المهنية التي تُمنح لنظرائهم من اختصاصات أخرى، كالمهندسين، والحقوقيين، وأعضاء الهيئات التدريسية، والمعلمين، والمدرّسين وغيرهم، إن هذا التمييز لا يتناسب مع طبيعة الدور المحوري الذي يضطلع به الإعلام في المؤسسة، كما ينعكس سلبًا على حماسة الكادر الإعلامي واستقراره الوظيفي.

وفي الوقت الذي تُحمّل فيه المؤسسات الإعلاميين مسؤولية تحسين صورتها، والدفاع عنها في مواجهة الحملات الإعلامية المضادة، لا يجد هؤلاء العاملون أي دعم مهني ملموس، سواء من حيث المكافآت، أو فرص التدريب، أو حتى التقدير الرسمي، كما حدث في مبادرات دولة رئيس مجلس الوزراء التي شملت معظم التخصصات، باستثناء الإعلاميين العاملين في دوائر الدولة.

لهذا، فإننا نُوجّه نداءً إلى دولة السيد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بدعم الإعلام الحكومي والعاملين فيه، والتعامل مع هذا القطاع بوصفه ضرورة استراتيجية في زمن الاتصال المفتوح والمعلومة المتاحة للجميع ، وإن كانت المؤسسات تطمح إلى إيصال رسالتها بفعالية ومهنية، فإن عليها أن تُوفّر للإعلام الحكومي الدعم الفني والمعنوي والمالي، وتُقدّر الكفاءات العاملة فيه، وتمنحهم ما يستحقون من امتيازات وتشريعات تحفظ دورهم، وتدعم مسيرتهم، لا سيّما إقرار المخصصات المهنية لخريجي الإعلام العاملين في هذا القطاع.
NameEmailMessage