في وقتٍ تتطلب فيه المشاريع الهندسية مزيجًا من الدقة، الصبر، والرؤية الواضحة، يبرز عدد قليل من الأسماء التي استطاعت أن تُحدث فرقًا حقيقيًا في ميدان طالما غلب عليه الطابع الذكوري. ومن بين هذه الأسماء، تبرز المهندسة عهود أحمد سالم، كأحد أبرز الوجوه النسوية في شركة مصافي الجنوب، بعد مسيرة مهنية حافلة تجاوزت العقدين من الزمن، كانت خلالها شاهدة ومساهمة في تنفيذ ورسم معالم مشاريع كبرى.
منذ التحاقها بالشركة، بدأت المهندسة عهود مشوارها في الشعبة المدنية كمهندسة متخصصة، وسرعان ما أثبتت كفاءتها العملية في الميدان، الأمر الذي مكّنها من التنقل بثقة بين عدة مهام قيادية داخل قسم الهندسة والتخطيط، من بينها: وكيل مسؤول شعبة التصاميم، شعبة المساحة، ثم شعبة نظم المعلومات الجغرافية (GIS)، لتُصبح اليوم مسؤول شعبة المساحة.
شعبة المساحة التي تقودها اليوم، تُعدّ من الركائز الهندسية المهمة في الشركة، إذ تتفرع منها ثلاث وحدات متخصصة تعمل بتكامل فني عالي:
وحدة GIS التي تُعنى بالموافقات الرسمية من الجهات الخارجية، وحل التعارضات مع مؤسسات مثل محافظة البصرة، عقارات الدولة، وبلدية البصرة.
وحدة المسح الهندسي، المعنية بتحديد مواقع المشاريع ومسارات الأنابيب والقابلوات.
وحدة الرسم، التي تتولى إعداد المخططات والوثائق باستخدام برامج AutoCAD وGIS لضمان تطابق العمل المكتبي مع الواقع الميداني.
إلى جانب عملها الإداري والفني، كان للمهندسة عهود حضور بارز في عدد من اللجان المتخصصة داخل الشركة وخارجها، بعضها يتعلق بالتنسيق مع شركات القطاع النفطي والدوائر الرسمية، وقد ترأست العديد منها، مشكّلةً نموذجًا ناجحًا للمرأة القيادية في بيئة عمل تتطلب الكثير من الانضباط والدراية.اليوم، تقود المهندسة عهود الفريق المدني في أحد المشاريع الاستراتيجية الكبرى، وهو مشروع الأنابيب الرابطة بين وحدات FCC ومصفى الشركة، ما يعكس حجم الثقة التي تحظى بها من قبل إدارتها وزملائها على حد سواء.
في بيئة يغلب عليها الطابع الذكوري، أثبتت المهندسة عهود أحمد سالم أن المرأة ليست عنصرًا مكملاً، بل عنصرًا فاعلًا في قلب المشاريع... ليست فقط مهندسة تتقن لغة الأرقام والخرائط، بل شخصية قيادية تزرع بصمتها في كل مشروع، وتؤكد أن الخبرة مقرونة بالإرادة تصنع الفارق دائمًا.